التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الأدباء ... وأزمة السكن !!

 بقلم : عبدالسادة البصري

في اكثر من مناسبة وعلى صفحاتهم في التواصل الاجتماعي ، يتحدّث بعض الادباء فيها - ان لم أقل جميعهم - عن انتمائهم الحقيقي للعراق ، وعراقيتهم التي اكتسبوها من أجدادهم وآبائهم وظلوا محتفظين بها ليورثوها لأولادهم وأحفادهم ، لكنّهم رغم هذا الانتماء مازالوا بلا سكنٍ حقيقي ــ ومَنْ ليس له سكن ليس له وطن ــ لهذا يناشدون المسؤولين في الحكومة العراقية ــ إن كانوا يسمعون المناشدة حقاً ؟! ــ أن يفكّروا بهم وبأقرانهم من العراقيين الذين مازالوا يعانون من التشرّد والضياع بلا مأوى حقيقي لهم ، وقد أرهقتهم تكاليف الإيجار التي ترتفع يوما بعد آخر !!

إنها ليست أزمة أي واحد منّا فقط ، بل أزمتنا جميعاً ، وتحديداً نحن الشريحة الكبرى من الأدباء والفنانين والإعلاميين المبتلين بجنون المواطنة الصالحة والانتماء الحقيقي لهذا الوطن ، حيث أعطيناه ومازلنا نعطيه كل شيء ولم يعطنا غير التشرّد والفاقة والمرض والموت على الأرصفة !!
ما يقوله أي كاتبٍ ينطبق علينا جميعا ، وأنا أول المتضررين ، إذ ما زلت أعاني من التشرد والضياع منذ أكثر من ربع قرن ، حيث أشهق ألف مرّة حين يعصرني الوقت وأنا لم أهيئ مبلغ إيجار البيت بعد ، فتراني أركض هنا وهناك وأطرق ألف باب لأجمعه وأرتاح بعض الوقت رغم ارتفاع نسبة الديون ، والمئات بل الآلاف من أمثالي يموتون ألف موته وهم يفكّرون بإيجار البيت طبعاً !!
ورغم كل الأوجاع والتشرد هذا ، إلاّ أننا نقرأ ونتابع ونبحث ونكتب ونشارك في كل ما يسمو بالإبداع العراقي !!
غير مستقرين أبداً ، على قلق ويسكننا قلق ــ قلق الكتابة والإبداع ،، قلق أزمة السكن والإيجار ،، قلق المعيشة والأولاد ،، قلق في قلق ،، ورغم كل ما يسكننا من قلق إلاّ أننا نصارع من أجل إعلاء شأن الإبداع العراقي ،، فهل التفت إلينا مسؤولٌ عراقيٌ يا ترى ؟!
وفي كل لقاء وحوار على الشاشات الفضائية والصحف والمجلات وفي الزيارات هنا وهناك نشاهد ونسمع المسؤولين وهم يتشدقون بالتاريخ والإرث العراقي والثقافة والإبداع والفن والرياضة العراقية ، وكل ما يقولونه كلام في كلام فقط ، إذ لم ولن نجد مسؤولاً ما ، مهما كان منصبه في الدولة قد سعى لإيجاد حل لأزمة سكن الأدباء والفنانين وحلّها من خلال توزيع قطع أراضٍ عليهم ــ والأرض غير المسكونة على مد البصر !! ــ وإقراضهم مبلغ لأجل بناء بيوتٍ لهم واستقرارهم وعوائلهم ، كي يرتاحوا قليلاً من وجع التشرد والضياع والدوران هنا وهناك بحثاً عن مستقر !!
كما لم نجد مسؤولاً ما ، وقف على احتياجات الأدباء والفنانين ، بل أخذ البعض من المسؤولين يتهربون من اللقاء بهم كي لا تنكشف أقنعتهم المزيفة التي يخدعون بها البسطاء من الناس ليظلّوا سادرين في غيهم ونهبهم وفسادهم !!
المسؤول الذي لن يهتمّ بمبدعي وطنه حريٌّ به أن يعتزل العمل ، قبل أن يرميه التاريخ في سلّة المهملات ذات يوم ،ولأجل أن ينقذ نفسه من هذا المآل عليه أن يلتفت للمبدعين ويسعى إلى إيجاد حل لأزمتهم المستديمة وهي السكن والمعيشة ، كي يتفرغوا لإبداعهم أكثر فأكثر ،، وعلى المسؤولين أيضاً أن يتأملوا التاريخ جيدا ليبصروا ما فعل بالأولين من أشباههم !!
وأخيراً أقول لكم :ــ التفتوا إلى الأدباء والكتّاب والفنانين وكل المبدعين ، وانتشلوهم من أزمة السكن كي يكتب التاريخ أسماءكم بأحرف مطرّزة بالمحبة والتقدير والشكران !!!!



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ا.د. علي القريشي

ا.د. علي القريشي كاتب تولد : العراق/ البصرة . 1968. حاصل على - بكالوريوس بالقانون من جامعة البصرة عام - ماجستير ودكتوراه في أصول التربية من جامعة عين شمس بالقاهرة عامي 1983_1987. • عمل محاضراً في جامعات الجزائر وليبيا والأردن وسلطنة عُمان . • رئيس قسم التربية وعلم النفس في جامعتي ناصر وعمر المختار بليبيا . • عمل أستاذاً في جامعة بغداد ثم أستاذاً للدارسات العليا في كلية الامام الكاظم . •رئيس مركز التغيير للدراسات والإعلام بغداد . • عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق . • مستشار ثقافي لمجلة العهد الزاهر بغداد. المشاركات شارك في العديد من المؤتمرات التربوية والإسلامية المحلية والدولية. • حاضر في العديد من الجامعات والمنتديات ومراكز البحوث في العراق وخارجه . • كرمته وزارة الثقافة العراقية ضمن فعاليات البصرة عاصمة الثقافة العراقية عام 2009 . • حاز على جائزة مسابقة المنتدى الثقافي في بغداد عام 2012 . اصداراته ١ - بين الحضارة والمدنية وأزمة العالم اليوم،بيروت،1979م و1982م. ٢ - التغيير الاجتماعي عند مالك بن نبي ،القاهرة، 1989م و1996م. ٣ - الغرب ودراسة الآخر ، قطر 2003 ...

د. وليد جاسم الزبيدي

د. وليد جاسم الزبيدي شاعر التولد/ العراق- بابل/ 1956م. العنوان: العراق ـ محافظة بابل- قضاء المحاويل. العضوية عضو اتحاد الأدباء والكتّاب في العراق. / عضو رابطة الأدباء العرب/ عضو اتحاد المؤرخين العرب/ عضو رابطة المبدعين العراقيين/ عضو رابطة الأكاديميين العراقيين/ عضو الاتحاد الدولي للشعراء والأدباء. التحصيل الدراسي خريج الجامعة المستنصرية/ كلية الإدارة والاقتصاد للعام الدراسي 1976/ 1977م. بكالوريوس لغة عربية –جامعة بابل/ كلية التربية-قسم اللغة العربية للعام الدراسي 1999/ 2000م. ماجستير تحقيق مخطوطات عربية/ جامعة الدول العربية/ معهد التاريخ العربي- للعام الدراسي 2005/2006م. دكتوراه تراث فكري –جامعة الدول العربية/ معهد التاريخ العربي – للعام الدراسي 2008/2009م. التخصص الدقيق: أدب عباسي. الإصدارات 1-ديوان خرافة المرايا- مكتبة الأدباء/ بابل سنة 1995م. 2- ديوان حصى الانتظار- مكتبة الأدباء/ بابل 1998م. 3- كتاب جمهرة الإسلام ذات النثر والنظام/ دراسة وتحقيق مخطوطة- دار الضياء للطباعة- النجف الأشرف سنة 2010م. 4- كتاب (ذاكرة المكان) دراسة اجتماعية ، دار الضياء- النجف الأشرف سنة...

جابر محمد جابر

الشاعر والأديب جابر محمد جابر ، ولد في مدينة العمارة عام 1954 ، نشأ في بيئة متحضرة نوعاً ما (مدينة العمارة) كانت لديه أخت كبيرة مدرسة ثانوية كانت تقصّ له ما تقرأ من كتب وروايات مثل الف ليلة وليلة وكليلة ودمنة وأحدب نوتردام وروايات نجيب محفوظ ويوسف أدريس * في مرحلة الصبا إنضم الى مجموعة يطلق عليها اليساريون او (الوجوديون) لأنهم يقرأون ويتداولون كتب سارتر والبيركامو وكولن ولسن ودستوفيسكي وأراغون وسانجون بيرس وكافكا وأغلب الكتب المترجمة فضلاً عن قراءته الى الشعر العراقي والعربي .. الجواهري والرصافي والزهاوي ومحمود طه وأحمد عبد المعطي حجازي * تخرج من معهد المعلمين/ بصرة * تأثر بالشاعر حسين مردان بعد صدور كتابه الشعري (قصائد عارية) لذلك كانت باكورة أنتاجه الشعري بعنوان (قصائد ملعونة) عام 1977 وهي تجربة فريدة في المدينة لم يسبقها فيها الا الشاعر علي عيدان عبدالله الذي أصدر عام 1974 (لائحة شعر رقم 1) ثم أصدر من بعدهما محمد قاسم الياسري ومحمد حمد وقد ذكر ذلك الشاعر حميد قاسم في كتابه الشعر العراقي الحديث لنيل شهادة الماجيستير * نشر أول دراسة نقدية له كتبها بنصيحة من الشاعر ...