وبنيتُ مِنْ أسمى المكارمِ معقلاً *** سیكونُ إیثارٌ لهُ عندَ النّهى
هبةُ الزمانِ وقد تكاثرَ خيرُهـــا *** لینالَ منهــــا ما یؤملهُ الورى
وفي قصیدة أخرى یقول:
سأنشدُ الشِّعْرَ إيحاءً وموعظةً *** وحكمةً تنفعُ الأجيالَ إنْ فطنوا
تريكو صكر عبد النّبي المرّاني
ولد علم 1925 م في مدينة العمارة / محافظة ميسان/ جنوب العراق وأكمل دراسته الابتدائية والثانوية فيها..... انتقل إلى بغداد لإكمال دراسته الجامعية فالتحق بكلية الحقوق (القانون، حالياً) وتخرج محامياً عام 1946م.... كانت طفولته عادية باستثناء يتمه لأبيه فقد ترك رحيله ندبة بقيت معه طيلة حياته وذلك لتعلقه الشديد به.
تميز صباه بنشاطه وحبه للرياضة والسباحة إضافة إلى تفوقه في لعبة الشطرنج....
بالإضافة لذلك تميز بولعه الشديد بالمطالعة الذي لازمه حتى آخر أيام حياته....
ومما يتوجب الإشارة إليه تحيزه للأدب العربي وقراءة نفائسه واقتناء كتبه أنى سمحت ظروفه حتى غدت مكتبته خير مرجع للغة وعلومها.....
- بعد تخرجه من المحاماة اتسعت دائرة مطالعاته لتشمل المحاسبة ، الرسم والرسم الهندسي، الخط العربي، الفلسفة، وعلوم الطبيعة وما وراءها إضافة إلى كل علوم اللغة العربية.... وقد تنوعت مصادره ومقتنياته من الكتب بين اللغتين العربية والانجليزية حتى أنه كان وبجدارة خير مرجع باللغتين وهذا ما تندّر في جميع الأزمنة....
- رسام ماهر من المدرسة الكلاسيكية وله عشرات اللوحات والمخططات....
- خطاط أتقن كل أنواع الخط العربي....
- نحّات ماهر
- نقّاش بارع وقلّ من ينقش مثله على الفضة والذهب.
- كان ينافس أبطال العراق في لعبة الشطرنج
-عمل في المحاماة ثم في الترجمة للانكليزية حتى إحالته على التقاعد...
تفرغ بعدها للشعر والفلسفة وعلوم ما وراء الطبيعة حتى توفاه الله في دمشق/ سوريا - عام ٢٠١١م فأصبح زاهداً بنفسه وعزّتها....
- له العديد من المؤلفات أهمّها ديوان شعر كبير وفريد ومؤلفان في علم العروض ورواية بعنوان "الكنز" وكتاب ضخم مترجم بعنون " إيّاك أمنح " وغيرها..
رفض نشر أي حرف من مؤلفاته وقد وفقني الله بنشر ديوانه الضخم (٧٨٤) صفحة من الحجم الكبير بعنوان (ديوان المرّاني من الهمزة إلى الياء) ويضم بين طياته قصائد عمودية حروف الرّوي فيها من الهمزة إلى الياء وهذا بحد ذاته إعجاز لغوي لم يسبقه إليه أحد…
-حال صدوره في دبي / الإمارات، رشّح الدّيوان لجائزة اليونسكو للأداب.
محطات أثرت في حياته
- رحيل والده/ والذي أدمى قلبه لسنوات طويلة وذلك لشدة تعلقه بوالده... حتى أنه أصيب بمرض الكآبة والتوحد مما سبغ تلك الصفة على شخصيته طوال حياته
- دراسته للحقوق وعمله كمحام لسنوات رسمت ملامح شخصية شبابه فكان جاداً في حياته مبتعداً عن لهو الشباب
- فصله ظلماً من وظيفته الحكومية الوحيدة وهو المعيل الوحيد لعائلة من ١٢ فرداً
- السياسة والحروب في بلده العراق وقلقه على عائلته ومعاناته في ذلك
- هجرة ابنه البكر والذي ترك جرحاً في قلبه حتى رحيله
- هجرة باقي أبنائه بسبب الظروف القاهرة في البلد.... ما ولد دمعة لم تجف حتى رحيله
-دراسته الواسعة للفلسفة وعلوم ما وراء الطبيعة التي حددت ملامح شخصيته فكان عالمه عبارة عن العائلة والقراءة والتأليف والتأمل في اللاهوت والخلق والطبيعة...
-تأثره ببعض الشخصيات الخالدة وخاصة الشاعر أبي العلاء المعري والزعيم الهندي غاندي وبعض الفلاسفة والمفكرين القدماء والمحدثين .
محطات أثرت بفلسفته
-دراسته للكتب السماوية وكتب الشريعة التي تتعلق بالأحكام الشرعية من خلال دراسته للحقوق
- دراسته الموسعة لعلوم ما وراء الطبيعة
-دراسته المعمقة للفلاسفة وأفكار الفلاسفة من عصور مختلفة.
- من قصائده ،مئات الجّواهر
هَلْ في الضَّلَالَةِ
هَلْ في الضَّلَالَةِ قَوْلُ نُصْحٍ يَنْفَعُ وَهَلِ الأصْمُّ إذِاَ يُخاَطب يسْمَعُ
دُنْيَا غُـــــرُورٍ أَهْلُهَــــا في غَفْلَةٍ أَعْمَتْهُـمُ أَهْواؤُهُمْ وَالْمَطْمَـــــعُ
شَـــهَوَاتُهُم هِيَ وَحْيُهُمْ وَمُثِيرُهُمْ وَمَلاذُهُم إنْ نَفَّذُوا أَوْ شَــرَّعُوا
آذَانُهمْ مَفْتُوحَــــــــةٌ لِمَجونِهِـــمْ وَنِفَاقِهِمْ إنْ أَبْطَأُوا أَوْ أَسْـرعوا
صَمَّـــاءُ إِنْ نَطَقَ الحَكِيمِ كَأَنَّهـا مِنْ هُجْرِ مَا مَلأَ المَشَاعِرَ يَلْقَعُ
أَغَلِيــــظُ قلْبٍ جَائِرٌ مُتَجهّــــــمٌ يَبْنِي المَمــالِكَ والْكَرِيمُ مُضَيَّعُ
إنّي أَرَى شَبحَ الظَّلامِ مُخَيِّمـــاً وَمَنَارَةً وَسْــــطَ الغَيَاهِبِ تَلْمَـعُ
الرَأيُ وَالرُّؤْيَا وَرُؤْيَةُ ذِي الحِجا هِيَ لِلْفَضَائِلِ وَالمَكـــارِمِ مَنْبَـعُ
لا يَعْــرِفُ الإيْمــــانَ إلاَّ أَهْلُهُ وَيسَيرُ في درْبِ الهُدى مَنْ يتَبْعُ
تَعَلَّمْ وعَلِّمْ
تَعَلَّمْ ثَلاثاً فَهْيَ أَسْـمَى عُلُومِنَا وَأنَفَعُهَـا في ذيِ الحَياةِ وَأقْـدَمُ
وَأَوَّلُها أَنْ تَعْرِفَ النَّفْسَ شَاعِراً بِقُدْرَتِهـا أَنَّى تَشَـــــاءُ وَتُقْــدِمُ
إِذَا مَا عَرَفْتَ النَّفْسَ فَاعْرِفْ بَدَاهَةً إِلهَــكَ وَاعْبُـدْهُ فَرَبُّكَ مُلْهِــــمُ
وَبعْدَ احْتِرامِ النَّفْسِ وَالرَّبِّ في التُّقى مَعَ النَّاسِ تَسْعَى سَعْيَ نُبْلٍ وَتَكْرُمُ
وَلا تَجتَهِدْ مِنْ أَجْلِ تَمِّ تَحَسُّسٍ بِنَفْسِكَ لكِنْ شَاوِرَنْ وهْيَ تُفْهِمُ
أَلا في سَبِيلِ الخَيرِ تَجْدُرُ عِيشَةٌ بِصْدقٍ وَنُبْلٍ وَاشْــتِيَاقٍ يُضَرَّمُ
لِمَنْ عَزَّ يَحْلُو الْعَيْشُ وِدّاً وَإِلْفَةً وَإِحْسَـــانَ بِرٍّ وَاصْطِحَاباً يُنَعِّمُ
إِلى نُبْلِ أَهْدَافِ الحياةِ وَمَجْدِها تُزَفُّ سَبِيلُ الخَيرِ وَهْيَ تُكَرَّمُ
وَتلِكَ سَبيِلٌ لَيسَ للِعُنفِ مَوْضِعٌ بِهَا يَقْتَفِيهَا الماجِـــدُ المُتَوَسِّمُ
أَرَقُّ وَأَحْلى مِنْ أَرِيِجٍ وَنَسْـمَةٍ وَأزْهَى وَأشْهىَ منِ جِناَنٍ تُطَعَمِّ
وَأَبْهَى وَأَنْدَى مِنْ يَدٍ ذَاتِ بَسْطَةٍ وَأَجْمَلُ مِنْ خَوْدٍ تَثَنَّى وَتَبْسِـــمُ
وَأَشْرَفُ مِنْ أَرْقَى الصَّنَائِعِ غَايَةً وَأَنْبَلُ مِنْ أَسْمَى الخِصَالِ وَأَفْعَمُ
يصُوغُ رَفيِعُ الشَّأنِ مِنْ كُلِّ مُهْمَلٍ إذَا الأحْمَقُ الغِرُّ المَصٌوغَ يُحَطِّمُ
أَلا فَافْطِنَنْ فَالمَرْءُ مَا هُوَ فَاعِلٌ فَأَنْتَ تَرَى مَثْنىً، بَرِيءٌ وَمُجْـرِمُ
هِبِ الْحلْمَ كَالْظِئْرِ ابْتِغَاءَ انْتِجَاعِهِ وَإِنْجَاعِـــهِ فَالظِّئْرُ تَحْنـــو وَتُلْثَمُ
وَكُلُّ شَرِيفٍ مُرْضِعٌ مِنْ خِصَالهِ وَكُلُّ رَضِيعٍ قَدْ يَشُـــــبُّ فَيُفْطَمُ
بِهذَا يَفِيضُ الخَيْـــرُ لا حَدَّ عِنْدَهُ وَيَعْجِــزُ عَنْ تَصْوِيـرِهِ المُتَكَلِّمُ
تَبَارَى قُلُوبُ الطَّيِّبِيــــنَ تَنَوُّراً وَآمَالُهُمْ صُبْحٌ فَلا شَــيءَ مُظْلِمُ
يدِرُّونَ في الأضْدَادِ إمِعْاَنَ فكِرِهِمْ كَرَقْرَاقِ مَاءٍ صَفْوُهُ الْحلْوُ أنْعُمُ
وَمَنْ لمْ يَرُمْ خَيْرَ الْوَرَى بِفَضِيلَةٍ تُمَزِّقُهُ نَابٌ أَوْ يُوَطِّئْهُ مَنْسِـــمُ
وَلا يَخْدِمُ الْغَايَاتِ في ضَوْءِ نُبْلِهَا سِــوَى نبُلِ أسْباَبٍ تُشِعُّ فتَعْظمُ
وَخَيْرُ سِنيِ العُمْرِ الشَّباَبُ لِمَكْسَبٍ وَفِيهِ لِتَخْلِيدِ المكــــارِمِ مَوْسِـمُ
وَكُلُّ سُــــلُوكٍ في الضَّلَالَةِ خَائِبٌ وَكُلُّ تَحَـدٍّ لِلْمُهَيْمِنِ يُهْــــــزَمُ
عتاب الدّهر
يُعَاتِبُني دَهْرِي وَدَهْرِي أُعَاتِبُ وَيَتْرُكٌنِي قَلْبِي وقَلْبِي أجَانِبُ
وَحَسْبيِ الذِي فيِه أناَ اليومَ أوْ غَداً وأمْسْ الذي هاَنتْ علَيَهْ المصَائِب
وَحَوْلي أصْحَابي وأهْلي وكُلُّ مَا أرِيدُ وإنْ قَلَّتْ لَدَيَّ الرَّغَائِبُ
أأرْغَبُ في المالِ الذِي عَزَّ نَيْلُهُ أحِبَّايَ إنَّ المالَ آتٍ وَذَاهِبُ
أأرْغَبُ في المَجْدِ الذي طَالَ دَرْبُهُ أحِباَّيَ إنَّ المجْدَ حَابٍ وَسَالِبُ
أأرْغَبُ في عَيْشٍ رَغِيدٍ وَرَاحَةٍ أحِبَّايَ إنَّ العَيْشَ مَحْضٌ وشَائِبُ
وَهَلْ يَسْتَطِيعُ المرْءُ تدبِيرَ أمْرِهِ وَقدَ كمَنَتْ في كُلِّ درْبٍ عقَارِبُ
وَهَلْ يأمَنُ الدَّنْيَا كَرِيمٌ مُجَرَّبٌ وَمَاذَا أفَادَتْ مَنْ تَلَظَّى التَّجارِبُ
وَكيَفَ يصُونُ الحِرْصُ رَأسَ دجَاجَةٍ تُطَارِدُهَا فَوْقَ الرِّمَالِ الثَّعَالِبُ
أحِبَّايَ لمْ تَفْترْ عَزِيمتيَ التي تهُونُ بِهَا فيما أرِيدُ النَّوَائِبُ
وَمَا هِمَّتي بينَ الرِّجَالِ ضَعِيفَةٌ ولكِنِّني أعْطِي وَغَيْريَ كَاسِبُ
وَمَا أضْيَعَ الممشَى بِدُنْيَا خَسِيسَةٍ يَفُوزُ بِهَا غِرٌّ وَيَخْسَرُ ثَاقِبُ
إذَا كَانَتِ الأيَّامُ حَرْباً على الْفَتَى فإنَّهُ في كُلِّ المَسَالِكِ خَائِبُ
وَقَدْ يَسْتَطيعُ الحُرُّ شَــقَّ طَرِيقَهُ وَهذا صِراع الموتِ خَاضَ العنَاَكِبُ
وَرُبَّ شَقِيٍّ عَاشَ حِيناً مُعَذَّباً وَعادَ سَـــعيداً عَانقَتْهُ الحبَاَئِبُ
وَرُبَّ سَعيدٍ عَاشَ حِيناً مُرَفَّهاً وَعَادَ شَقِيّاً صَدَّ عَنْهُ الصَّوَاحِبُ
ولِلنَاس أخْلاقٌ إذَا خَرَّ وَاحِدٌ صِريعَ هُمومٍ خَاصَموُهُ وَحاربُو ا
أعَزُّ عَـزَاءٍ أنْ تَرَى مُتَكَرِّماً يَهبُّ لِغوْثٍ أوْ يعُيِنَكَ وَاهِــبُ
وَمَا أكثَرَ الأخْوَانِ حِينَ تُعِينُهُمْ ولكنَّهُمْ نَزْرٌ إذَا جَاءَ طَالبُ
تُلاقِي كَرِيمَ القَوْمِ يَجْمَعُ رَهْطَهُ لِيَسْلُبَهَمْ مَا دَامَ فِيهمْ مَثَالِبُ
جَوَادٌ إذَا اسْتَغْنَيْتَ عَنْهُ هُنَيْهَةً وإنْ جِئْتَهُ في حَاجَةٍ فَمُحَاسِبُ
فَلا تَعْتَمِدْ إِلاّ عَلى نَفْسِكَ التي تُرِيكَ سَبِيلَ الخَيرِ إذْ أنْتَ رَاغِبُ
وَلا تَعْتصِمْ إلا بَرِّبكَ كُلَّمــــا أصَابكَ نحْسٌ أوْ أعاَقكَ غاَصِبُ
وَفِكْرِيَ في نُصْحِي إليكَ قَبِلْتَهُ عَلى طِيبِهِ أوْ مَا قَبِلْتَهُ صَائِبُ
وَإنّي وإنْ كُنْتُ الشَّقِيَّ لَقَانِعٌ وإنّي وإنْ كُنْتُ المُطِيعَ لَتَائِبُ
وَقَدْ أعْرِفُ الإنْسَانَ مِلْءَ كِيَانِهِ وأعْرِفُ أيَّ السَّائلينَ أُجَاوِبُ
وَلَسْتُ أرِيدُ القَوْلَ يَزْهُو فَصَاحَةً ولكنَّني مِنْ أجْلِ خَيرِكَ كَاتِبُ
وَلَسْتُ أبَالي أنْ ترَاني شَاعِراً فشِعرْ الهدُى في القلَبِ لا الفَم ناَشِبُ
لَعَلِّي عَلِيمٌ بِالَّذِي أنَا نَاصِحٌ لَهُ وَالَّذِي يُصْغِي إذَا مَا أخَاطِبُ
وقَدْ أكْتُبُ اليومَ ابتغَاءَ نَصِيحةٍ فيَذْكُرُ بعْدِي مُلَبٍّ وغَاضِبُ.
موقع ميشانيون
تعليقات
إرسال تعليق